نورولوجي: المعرفة التراكمية في عصر المعلومات
AI photo
الكتاب سينشر في العام المقبل 2025، لقراءة المقال باللغة English الإنجليزية.
يُبرز الكتاب “نورولوجي*” أهمية المعرفة التراكمية في تشكيل الفكر الإنساني، مستعرضًا الانتقال من عالم يعتمد على الكتب والمكتبات كمصادر أساسية للمعرفة إلى عصر الإنترنت حيث أصبحت المعرفة أكثر سرعة وتنوعًا. يسعى الكتاب إلى تفسير هذا التحول بأسلوب أدبي وتحليلي من خلال قصص قصيرة تسلط الضوء على حياة ما قبل الإنترنت وبعده في سرد تأملي عميق حول الهوية والبحث عن الذات، التحولات الإجتماعية والتكنولوجية، وتداخل الماضي مع الحاضر، وتأمل في معاني الحياة والموت، أهمية معرفة الآخر والقيم الإنسانية، وتجاوز الحدود اللغوية والثقافية، كما يعكس دور السفر، سواء الحقيقي أو الافتراضي في اكتشاف العالم وفي توسيع الإدراك الثقافي والمعرفي. وفي القسم الثاني من الكتاب فإنه يعمل على تحليل التغيرات التي طرأت على حياة الأفراد والمجتمعات المعاصرة في ظل التحولات التكنولوجية.
جيل الثمانينيات
يركز الكتاب على جيل الثمانينيات الذي عاصر التحولات التكنولوجية الكبرى، بدءاً من ظهور الحواسيب الشخصية والمحمولة وثورة الإنترنت والهواتف الذكية في تسعينيات القرن المنصرم، وليس انتهاءا بثورة الذكاء الإصطناعي الراهنة! من منا لا يتذكر كمبيوتر صخر، وانتشار أجهزة IBM PC وApple Macintosh تلك الآلة التي غيرت مجرى تاريخ البشرية! نظام MS-DOS وشهادة ICDL رخصة قيادة الحاسوب Windows office والتي كانت الشرط الأساسي آنذاك لدخول سوق العمل!
كما أن جيل الثمانينيات في العالم العربي يُعدُّ أحد الأجيال التي شهدت تغييرات حادة وصراعات عميقة تركت بصماتها على هويته الشخصية والجماعية. وُلد هذا الجيل في فترة شهدت تصاعد الأزمات السياسية والاقتصادية، ونشأ في ظل أحداث كبرى مثل الحروب الإقليمية، انهيار وصعود الأيديولوجيات، والتحولات الاقتصادية.
إزدهار الإعلام الرقمي والإعلام الجديد
جيل الثمانينيات الذي شهد طفرة تقنية وصراعات اجتماعية وسياسية إذ كان شاهداً على "الربيع العربي" وما تبعه من تغييرات جذرية وما صاحبها من تحولات في المنطقة والعالم مطلع الألفية مع إزدهار الإعلام الرقمي، إذ لعب الإعلام المستقل والجديد دورًا محوريًا في صياغة هذا التحول ومواكبته، إذ أعاد تشكيل المشهد الإعلامي في المنطقة تمثل في سيل المعلومات والذي يصب بدوره في رفد المعرفة التراكمية، تسريب المعلومات و/أو تنظيمها ومن ناحية أخرى أصبح معها التشويش هو السمة السائدة إذ استمرت الحكومات، المنظومة الإجتماعية والسياسية السائدة في استخدام أدواتها للسيطرة على المشهد الإعلامي، سواء عبر القوانين أو التحكم بالتكنولوجيا. ومع ذلك، لا يزال الإعلام العربي يشكل ساحة معركة بين أصوات الحرية والانفتاح من جهة، ومحاولات القمع والرقابة من جهة أخرى.
اليوم، يعاني جيل الثمانينيات من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة لتلك الصراعات التي لا تزال تلقي بظلالها على حياته. بدأ هذا الجيل في إعادة التفكير في مفهوم الهوية، الحريات العامة والعدالة الاجتماعية، متأثرًا بخبراته الطويلة في مواجهة القمع والصراعات.
كما يُعدّ هذا الجيل الأساس في بناء المعرفة التراكمية الحديثة. ويُعد نموذجًا للانتقال بين أسلوب حياة تقليدي قائم على المعرفة المحدودة، إلى عالم مفتوح يعتمد على التكنولوجيا كوسيلة لبناء ثقافات جديدة. على الصعيد السوسيوثقافي، أدى ذلك إلى تقارب المجتمعات من خلال تبادل الأفكار والثقافات بين الأجيال.
وفي يومنا هذا، أصبح جيل الثمانينيات بين الثلاثينات والأربعينات من العمر، وهو الآن الجيل المسؤول عن دعم الأجيال الجديدة، رغم التحديات المستمرة. أصبحوا أكثر اهتمامًا ببناء مستقبل أكثر استقرارًا لأولادهم. أتخذوا من التكنولوجيا نافذة لإستثمار الطاقات الكامنة، على الرغم من كل الصعوبات، أظهر جيل الثمانينيات قدرة على التكيف والإبداع. العديد منهم أسسوا مشاريع صغيرة، وبرزوا في مجالات التكنولوجيا وريادة الأعمال وركزوا على إنتاج وزيادة المحتوى باللغة العربية، خاصة في الدول التي شهدت استقرارًا نسبيًا.
التطور الفكري والمعرفي وأهميته السوسيوثقافية
معرفة الذات، معرفة الآخر ومعرفة العالم
ومن اللافت بأنه لا يوجد تعريف دقيق أو حصري للمعرفة التراكمية، إذ يأتي تعريف خصائص المعرفة العلمية بإنها تراكمية ويقصد بها، أن العلم يسير في خط متواصل، وحسب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يتم وصف المعرفة التراكمية بأنها تكنولوجية، أي أنها متغيرة وليست ثابتة. يشير الكتاب إلى أسباب اختلاف شكل المعرفة عن أشكال المعرفة التقليدية في عصر المعلومات.
يشدد الكتاب على دور تطور الوعي الإنساني كركيزة أساسية في المعرفة التراكمية وبناء المجتمعات والتي يشكل الإنسان قوامها، ويبحث في شكلها، وماهيتها. المعرفة التراكمية هي عملية ذاتية ويبنيها الفرد في رحلته والتي يجب على كل فرد أن يقطعها في اكتشاف الوعي الإنساني بداخله، فهي تسير بشكل مستقيم مع الوقت، فأنا أنتقي وحتى الوصول إلى التوزان المعرفي. التطور في العالم نشأ ويسير وفق القوانين الطبيعية، والتطور يعمل على تغيّر أشكال الحياة ، ومع تغير شكل المعرفة الحديثة عن المعرفة التقليدية أدى ذلك لتغير طبيعة اللغة وهي الأداة الأساسية في تبادل المعرفة ونقل الأفكار، فهي لغة ذاتية وكيف انها تشبه الإنسان، إذ يقاس مدى تطور الفرد بتطور وعيه الإنساني والفرد المتطور يشبه نظام لا سلكي، يتمثل ذلك في كيفية استقباله ومعالجته للمعلومات، في عصرنا الحالي يقاس تطور أي حضارة بمدى تطور الفرد الواحد ومدى تطور وعيه الإنساني.
تحديات العصر الحديث
يناقش الكتاب التحديات التي تواجه الأفراد في عصر المعلومات، مثل تدفق المعلومات المستمر الذي يؤدي إلى التشويش والذي يوثر بدوره على المعرفة التراكمية. كما يتناول تأثير الأزمات العالمية، مثل الحروب والكوارث الطبيعية، على الأمن والاستقرار من ناحية أخرى يبرز الكتاب أيضًا الفجوة المعرفية بين الأجيال وأثرها على التفاهم المجتمعي.
التكنولوجيا وتأثيرها على السلوك الإنساني
يوضح الكتاب كيف أصبحت التكنولوجيا محورًا في حياة الأفراد، إذ أعادت تشكيل أساليب التواصل والعمل، التعلم والتعليم. رغم الإيجابيات، يسلط الضوء على تحديات مثل النزاعات الإلكترونية وانتشار المحتوى غير المفيد، والتي تؤثر على التوازن النفسي والسلوكي للأفراد. ثقافيًا، تعيد التكنولوجيا صياغة القيم والسلوكيات الاجتماعية، مما يستدعي وعيًا أكبر باستخدام الأدوات الرقمية لإثراء الحياة الإجتماعية بدلاً من تشويهها.
لا يمكن للعالم الخارجي حولنا مواكبة تطور العقل البشري
إن العقل البشري يتسم بقدرته الفائقة على الابتكار والتفكير الإبداعي، مما يجعله دائمًا متقدمًا على العالم الخارجي المحيط به. التطور الفكري والمعرفي للإنسان يستمر بوتيرة متسارعة، مدفوعًا بالفضول والقدرة على التعلم من التجارب. في المقابل، هناك الصراعات والتحديات السياسية الراهنة، البيئة المادية والاجتماعية تحتاج إلى وقت أطول لتتكيف مع هذه التغيرات. يدعو الكتاب إلى استثمار التكنولوجيا والمعرفة الرقمية في اكتشاف الوعي الإنساني، يرى أن التقدم التكنولوجي يمثل فرصة لإعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية والثقافية على أسس أكثر انفتاحًا وتسامحاً، مما يتيح بناء مجتمعات متقدمة ومتوازنة في عصر المعلومات. في النهاية يشير الكتاب إلى أن التطور الفكري والمعرفي سيظل القوة الدافعة وراء التحولات الإنسانية الكبرى.
__________________________________
يحمل عنوان قصة قصيرة في الكتاب.
كتابة المصطلح بالعربية كما هو: نورولوجي. يُدرج تحت خانة المصطلحات المُعرَّبة.
التفسير اللغوي المقترح: نورولوجي: مصطلح يشير إلى المعرفة التراكمية المنظمة في عصر المعلومات، حيث تتكامل العقول البشرية مع تقنيات الشبكات لخلق منظومة معرفية شاملة.
الأصل الإنجليزي Knowrology: مستوحى من "Neuro-" بمعنى العقل أو الشبكة، أو "Know" أي معرفة و"-logy" التي تعني علم أو دراسة.
الدلالة: يشير إلى تكامل المعرفة التراكمية باستخدام أدوات العقل والشبكات المعلوماتية.
تفسير الاستخدام العملي للمصطلح
في الأدب الرقمي: وصف تطورات العلوم الرقمية وتأثيرها على الفكر الإنساني.
في العلوم التقنية: وصف العمليات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة.
في المؤسسات: الإشارة إلى استراتيجيات إدارة المعرفة التراكمية داخل الشركات والمؤسسات.
نورولوجي هو وصف للتراكم المعرفي في عصر المعلومات، حيث تتكامل البيانات والخبرات البشرية مع التكنولوجيا لتوليد معرفة متطورة تسهم في تطوير مختلف المجالات.


